الاثنين، 21 سبتمبر 2009

زجل أندلسي، شربنا وطابْ شرْبُنا

شـَرِبنا وطابْ شربُنا .. مَ بينَ الظـِّبا والمهاة
و صرنا سُقاة ْ كلـّـُنا .. مَ تسمعْ سوى خذ ْ وهاتْ
والسـّاقي يلوحْ بينـَنا .. سـُمَيمِرْ بديعَ الصفات
*
والماضي مضى وانقضى .. منَ اليوم اِتـْبان العُهودْ
يَ فرحي حبيبي رَضى .. نورْ عيني هلالْ السّـُعـود
*
امشي يا رسولْ للحَبيبْ .. بحقِّ العهودْ و المـُنى
وقلْ لـَهُ طالَ المَغيـــبْ .. وحالَ البعادْ بينـَنـــــا
وندعُو السميعَ المجيبْ .. يجمعْ عن قريبْ شملـَنا
*
والماضي مضى وانقضى .. منَ اليوم اِتـْبان العُهودْ
يَ فرحي حبيبي رَضى .. نورْ عيني هلالْ السّـُعـود

السبت، 19 سبتمبر 2009

خريف



وحدة خانقة و صمت مطبق مع اقتراب العيد بخطى هزيلة متعثرة..
و أنا كأسطورة تلاشت في قسمات العتمة العتيدة أبحث عن حقيقة تكتنفني،
أحن إلى ماضٍ لم يكن،
إلى اللتي كانت هنا أو كأنها..
إلى صديقتي السيجارة آنسة الوحدة وسيدة الظلال التي آليت أن أفارقها يوما..
ذكرتني عودة الخريف..صديقنا الخريف.. بحنانه الشعري الدافئ ولمسته الصقيعية المنعشة..
عاد ولم تعد...
علـَّها تداعب حبات المطر في شوارع المدينة،
أو تنظر من شرفتها إلى ليل يرتسم قصائدَ غامضة في الأفق البعيد..
قد تعبر الريح فتملأ أوتارنا بنواحها تاركة لأسئلتنا آلافَ الأسئلة
و بقايا جواب ترسمه على الماء بريشة الهمس ...
سأسأله أن يعتني بها..

الأربعاء، 16 سبتمبر 2009

الأرض الخراب ت.س. إليوت / مقتطف 5


مقتطف من..
ماذا قال الرعد
-ترجمة عبد الهادي السايح-

 

..حتى الصمت غادرَ الجبال
ما من شيء سوى
رعدٍ كاذب ٍ عقيم و لا مطر
حتى الوحدة هجرت الجبال
ما من شيء سوى
وجوه عابسة محمرّة تزمجر ناظرة ً شزرا
من أبوابِ بيوتٍ طينية متصدّعةِ الجدرانِ..
لو أن ثمة ماءً
                 ولا صخرَ
لو أن ثمة ماءً و صخرا
و ماءً،
وعينا
وبركة وسْط الصخر.
لو أن ثمة طبطبة ماء فقط
لا صريرَالجندب
وخشخشة الحشيشِ اليابس،
صوتَ ماءٍ يسيل فوق الصخور
حيث يزقزق طائرُ الناسكِ المغردِ بين أشجار الصنوبر..
قطرةٌ قطرةْ، قطرةٌ قطرةْ، قطرةٌ قطرة
لكنْ ليس ثمة ماء.

 

*

 

انداحَتْ ضفائرُ شعرها الأسودِ الطويل ..
عزفتْ موسيقى هامسة على الأوتار
فهسهست وطاويطُ بوجوه الأطفال في الضوء البنفسجي
وجعلت تخفق بأجنحتها
ثم زحفت برؤوسها اتجاه حائط مُسوَدّ..
كانت الأبراج معلقة في الهواء بالمقلوب
تقرع نواقيسَ الذكرى
التي تحصي الساعات
تجاوبت بالغناءِ أصواتٌ انبعثت من الصهاريج الفارغة
و الآبار الناشفة

 

في هذه الحفرة المتعفنة وسط الجبال،
في ضوء القمر الخافت، يتغنى العشب
فوق القبور الدارسة و حول الكنيسة الصغيرة
و الكنيسة خاوية تسكنها الرياحُ
ليس فيها نوافذُ
والباب يتأرجح..
إنّ العظام الناخرة لا تؤذي أحدا
لم يكن هناك سوى ديك وحيد وقف على السقف صائحا
كوكو ريكو كوكو ريكو ..
وفي لحظة
أومض البرقُ
اجتاحت الأرجاءَ ريحٌ باردة
وانهمرَ المطر



* *


الاثنين، 14 سبتمبر 2009

ت.س. إليوت الأرض الخراب / مقتطفات 4


غـــــــــرَق
فليباس الفينيقي، ميتٌ مذ أسبوعين..
نسيَ صياحَ النوارس، عواصفَ البحار العميقة
نسي الربحَ والخسارة.
في أغوار البحر،
يقلب التيارُ عظامَه في غمرةٍ من الهمس.
مرّ، في تقلبه بين الصعود والهبوط، بمراحل حياته
وبشبابه لما ابتلعته الدوامة.
حنيفاً كنتَ أو مشركاً
أنتَ، يا من تدير الدفّة، وتنظر ناحيةَ هبوب الريح
اعتبر مصير فليباس الذي كان وسيما، فارعَ الطول مثلك.


الأحد، 13 سبتمبر 2009

الأرض الخراب ت.س. إليوت/ مقتطفات3


مقتطف من ..
موعظة اللهب
- ترجمة عبد الهادي السايح –

 
لقد تداعت خيمة النهر
تتشبث الأوراق بأطراف أصابعها الأخيرة
ثم تغرق في ثرى الضفة الندي
تعبر الريحُ الأرضَ الغبراءَ في صمت
قد رحلت الحوريات
فانسب، يا نهر التايمز العذب، حتى أكمل أغنيتي..
النهر لا يحمل
القوارير الفارغة، ولا أوراق الشطائر أو مناديل الحرير،
لا يحمل علبَ الورق أو أعقابَ السجائر
أو شيئا من آثار ليالي الصيف. قد رحلت الحوريات..
رحل أصدقاؤهن، وبقيـِّة باقية تلكأتْ من أعيان المدينة
رحلوا..
دون أن يتركوا عنوانا.
وجلستُ على ضفة نهر ليمان أبكي
انسب أيها النهر العذب حتى أكمل أغنيتي..
انسب فلن أطيل الكلام، و لن أحدثك إلا همسا
تتطاوح الريح خلفي
و في عصفةٍ باردة
تحمل إلى أذني قعقعة العظام، وضحكة خافتة تتردد في الأرجاء.

* *

السبت، 12 سبتمبر 2009

ت.س. إليوت الأرض الخراب / مقتطفات2


  • ترجمة عبد الهادي السايح-

 

مقتطفات من..
لعبة شطرنج

 

كان
الكرسيّ الذي جلستْ عليه، كالعرش المنمق
ينعكس ألقـُه على المرمر
حيث المرآة، تحملها أعمدة نقشت فيها كرومٌ تتدلى عناقيدُها
أطلَّ منها ملاكٌ ذهبي *
وآخرُ حَجبَ عينيه بجناحه..
ضاعفت المرآة شُعَلَ
الشمعدانِ ذي الأغصان السبعة
انصبَّ النورُ منها على المائدة
فتسامى بريقُ حليها ليلقاه
تسامى..منسكبا من حقائب الحرير
وافرَ الألق وثيرَ الاندفاق...
*
تردد صدى خطى متثاقلةٍ على السلم.
تحت وهج الموقدِ، تحت ملمس المشطِ
تطايرت خصلاتُ شعرها
حبيباتِ سنا
توهجتْ كالكلمات
ثم غرقتْ في سكون موحش.

 

أعصابي ليست على ما يرام الليلة، نعم ليست على ما يرام
ابقَ معي. حدثني، لمَ لا تتكلم أبدا. تكـَلـّمْ
ما الذي تفكرُ فيه، فيمَ تفكرُ؟ فيمَ؟
لا أدري ما الذي تفكرُ فيه أبدا، فكـِّـرْ

 

أظن أننا في زُقاق الجرذان
أين فقد الموتى عظامَهم.

 

ما هذه الضجة؟
- نواح الريح تحت الباب
ما هذه الضجة الآن؟ ماذا تفعل الريح
-لا شيء، مرة أخرى، لا شيء.
ألا..
تعلم شيئا، ألا ترى شيئا، ألا تذكـُرُ شيئا؟؟؟
أذكـُرُ
هذه اللآلئ التي كانت عينيه.

 

* في الأصل "كوبيد ذهبي" أو كوبيدون، وهو إله الحب عند الرومان،

 

* *

الجمعة، 11 سبتمبر 2009

ت.س. إليوت الأرض الخراب/ مقتطفات من ترجمة أخرى


  • ترجمة عبد الهادي السايح-

    بأم عينيّ رأيتُ
    كاهنة بلدة كوماي وقد أدلتْ رأسَها في جرة
    وعندما سألها الفِتية
    ماذا تريدين يا كاهنة
    أجابتهم..
    أريد أن أموت
    *
    مقتطف من..
    دفن الموتى

أيُّ جذور تتشبث، أية أغصان تنمو
في هذا الخراب الصخري يا ابن الإنسان؟
لا تسطيعُ أن تجيب أو تخمن
فأنت لا تعرف سوى
كومةٍ من الصور المحطمة.
فيها تلفحكَ الشمسُ ولا تمنح الشجرة الميتة ملجئا
لا صوتُ الجندب راحة ً
و لا الصخرُ اليـَبـَسُ خريرَ ماء.
لا يوجد غير الظل تحت هذه الصخرة الحمراء
هلمَّ إلى ظل هذه الصخرة الحمرء
أرِكَ شيئا مختلفا عن ظلك
يُهرول خلفكَ في الصباح
أو ظلِّك يتسامى ليلقاكَ في المساء
سأريك الخوف في حفنة من تراب..

*
مدينة َ الأوهام،
تحت الضبابِ الأغبر ذاتَ فجر في الشتاء
تدفق حشد فوق جسر لندن، حشد غفير
ما خلت أن الرّدى طوى كل هؤلاء
عمّتْ الجمعَ
زفرات قصيرة مضطربة.
تدفقوا
،كلٌّ بعينيه مثبتتين أمام قدميه ،
أعلى التلة ثم انحدروا إلى شارع الملك وليام
إلى حيث تحصي كنيسة القديسة ماري وولنوث الساعات
وتعلن نواقيسها ، بصوت كظيم، آخر دقات الساعة التاسعة.


*


الاثنين، 7 سبتمبر 2009


المركب النشوان

Le bateau ivre

شعر آرثر رامبو

- ترجمة عبد الهادي السايح-


وانطلقتُ

ممتطيا سيولاً لا تبالي ..

ما عدتُ أحس بالحبال تتجاذبني

يشدها عمالُ المرفأ

كانوا هناك

وقد اتخذهم بعضُ أوباش الهنود الحمر

أهدافا

بعدما قيدوهم عراةً إلى أعمدة الألوان …

لم أكترث للطاقم

من حمـَلةِ القمح الفلامي

أوالقطن الإنكليزي..

عندما انتهى ذلك الشغب وغاب العمال معه عن ناظري

تركتني السيول أهوي إلى حيث أشاء..

بين تلاطم الأمواج الغاضبة

جريتُ ذاك الشتاءَ

بعناد أعتى من عناد

الأطفال،

لم تشهد الجزر العائمة هرجا أكثر اصطخابا من ذلك،

وباركت العاصفة ُ استفاقتي البحرية..

وكأخفَّ من سدادة

رقصتُ فوق الأمواج

،تلك الأيدي الأبدية التي تدحرج ضحاياها، كما يقال،

عشرَ ليالٍ

دونما شوق إلى عين الأنوار الساذجة

تلوح من المرافئ ،

جريتُ ..

تسربت المياه الخضراء إلى هيكلي الصنوبري

أعذبَ من طعم التفاح الحامض في فم الأطفال..

مطهرةً بقعَ الخمر الزرقاء والقيء

رجّتني ، بعثرتْ الدفة والمرساة ..

منذ ذلك الحين وأنا أستحم في قصيدةِ البحر

تـتخللها النجومُ،

حليبية اللونِ،

تلتهم البقعَ اللازوردية المائلة إلى الخضرة

أينَ ترى أحيانا

غريقا شاردَ الذهن

تلفه هالة صفراءُ

مُمتـقَعة،

يرسب إلى القاع

وهو مسرور ..


هناك أين يضفي الزرقة َ فجأةً

الهذيانُ والإيقاع البطيء

تحت وهج النهار،

زرقةٌ أعتى من الخمر و أرحبُ من أنغامنا،

تختمر صهبة الحب المرّة .. هناك،

شهدتُ انشقاقَ السماوات بالبرق

والأعاصيرَ واكتساحَ الأمواج المرتدة، ، والتيارات ..

شهدتُ المساءَ

والفجرَ العُلوي مثلَ شـَعبٍ من الحمام

ورأيت أحيانا ما ظن الإنسان أنه رآه ..

رأيتُ الشمسَ

يخامرها رعبٌ غامض في الزوال

تمد أشعتـَها جلطاتٍ وردية طويلة

مثل الممثلين في مسرحيات درامية عتيقة

الأمواج تندفع بارتجاجاتها المصطفقة راجعة إلى المدى ..

حلمت في الليل الأخضر بالثلوج يبهرها الضياء

بالقـُبلة الصاعدة إلى عين البحر ، رويدا رويدا

بجَيَشان قوى لا نظير لها

بصحوةٍ زرقاء مصفرّة للفسفور المغرِّد،

اتبعتُ لأشهرٍ كاملة

الأمواجَ الهائجة

وهي تجتاح أرصفة الصخور في جنون

كقطعان البقر الهستيرية،

لم أحسَب أن سيقان الضياء المريمية

قد تصد خياشيمَ المحيطاتِ الناخرة ،

اصطدمتُ، فاعلموا، بمروجٍ عجيبة،

أين تختلط الأزهارُ بعيون الفهود في جلود البشر

وتتدلى ،تحت آفاق البحار،

أقواسُ قزح كأعنة

خيولٍ خضراءَ

تخالطها الزرقة ..

شاهدت السبخاتِ الهائلة تختمر ..

شِباكٌ يتعفن في طياته الطحلبية حوتٌ ضخم،

شاهدتُ انهيارَ المياه وسْط هدأةِ العباب

والمسافاتِ البعيدة ترتمي إلى أعماق الهاوية …

أنهار الجليد، شموس فضية، أمواج منْ لؤلؤ، سماوات منْ شواظ

حطام سفن مشوهة ..في أعماق الخلجان البنية،

حيث الثعابين العملاقة التي يلتهمها الأرَضُ

تتساقط ،كالأشجار الملتوية،

بعطورها السوداء ..

وددت لو أري الأطفال تلك الحيتان

حيتانَ الموجة الزرقاء،

تلك الحيتان الذهبية، الصادحة ..

هدهدَ زبدٌ من الزَّهر انسيابي

وأعارتني رياحٌ يفوق عتوها الوصفَ أجنحتها في بعض الأحيان ..


وأحيانا، مثل شهيدٍ تعِبٍ من الأقطاب والمناطق

يرفع البحرُ الذي كان شهيقه

سريريَ المتمايح العذبَ،

إليَّ أزهارَ الظلال بكؤوسها الصفراء ..

ارتحتُ ثمة مثلما امرأةٍ تجثو على ركبتيها،

مثلما جزيرةٍ، تتمايلُ على ضفاف العراك

وذرْقِ الطيور الناعقة

ذواتِ العيون الصهباء،

لمحتُ خلالَ أشرعتي الهشة وأنا ماضٍ

الغرقى يسبحون راجعين إلى النوم في الأعماق..

كذاكَ أنا

المركب المضاع تحت ضفائر الخلجان

رمتني العاصفة إلى أثير خالٍ من الطيور

أنا الذي لا تقدر السفن

على انتشال

جثته السكرى من الماء..

أضحيت حرا ،

تتصاعد مني الأبخرة ويلفني ضباب وردي

أنا.. مَن اخترق السماء المحمرّة كالجدار

و مَن يحمل الخواطر الرقيقة إلى قرائح الشعراء

عَذَبَ الشمسِ مع هلام سماوي الزرقة،

مَن جرى، تبرقعه أهِلـَّـة كهربائية،

خشبة مجنونة

ترافقها أحصنة البحر الماردة، السوداء

حينما كانت أشهر تموز تُغرق بهراواتها

الآفاقَ الزرقاءَ الداكنة، اللماعة

في أقماعٍ لاهبة..

أنا الذي ارتجفتُ ..لسماعي أنين الوحوش الهائجة

على بعد خمسين فرسخا

والدواماتِ الهائلة

تلك التي تحيكُ زرقة البحار الأبدية ،

أحن إلى أروبا ومتاريسها القديمة ..

رأيت أرخبيلاتٍ من النجوم وجُزراً

تتفتح آفاقها المجنونة للملاح

أفي هذه الليالي، لياليَ بلا أعماق تنامين وتنزحين؟

يا ملايين الطيور الذهبية،

يا حياة المستقبل ؟

نعم بكيتُ كثيرا ، فكل فجر كئيب

وكل قمر قبيح وكل شمس مُـرّة

ملأتني حدة الحب بخدَر نشوان

فليتحطم هيكلي، ولأغرقْ ..

لو كنتُ مشتاقا إلى بعض مياه أروبا

لشاقتني بركةٌ سوداء باردة

يقبع على حافتها طفلٌ يملأ جوانحَه الأسى

ليرسلَ زورقا أرق وأوهن من فـَرَاش ماي

إلى الشفق الشذي ..

ما عدتُ أستطيع الاستحمام في خـَـدَركنّ ونصالكنّ

أيتها الأمواج الزجاجية

أو أقتفي سبلَ السفن المشحونة بالقطن

ما عدت أقدر أن أعبر ساحات الفخر برايات وأعلام مرفرفة

أو أسبح تحت أعين الجسور العائمة، الرهيبة ..


* * *

الأرَضُ، ج أَرَضة

العَذَب، ما يعلو الماءَ من طحالب

* * *

عن الشاعر

/ آرثر رامبو :Arthur Rimbaud


http://www.diwanalarab.com/spip.php?article4784

النص بالفرنسية:

http://www.mag4.net/Rimbaud/poesies/Bateau.html

الثلاثاء، 11 أغسطس 2009

يا رياح الشمال



أقرئيها سلامي يا رياحَ الشمالِ

وتمادَي كشوقي نحوها لاتُبالي

اطرقي شرفتَيها كارتباكِ الليالي

وذري القطْرَ يغفو فيهما كالسؤالِ


كارتحالِ الحيارى بينَ حالٍ وحالِ

حينَ عيناكِ تغفو والمدى في ارتحالِ

بينَ بينٍ وبينٍ تائهٍ في الظلالِ

بعثرته الغوادي، يا جنونَ الجمالِ !

مثل عينيكِ لاحَ البرقُ بين التلالِ

ههنا في شتائي كالتِماعِ اللآلي

في جفون صبايا الجنِّ عند الزوالِ

وهمى القطرُ يشدو باسمِ ذاتِ الدلالِ

فتباكتْ شموعٌ قلتُ رقّتْ لحالي

ولكانونَ نجوى الــــــريحِ بين الجبالِ

.. سلّمي وتهادَي يا رياحَ الشمالِ

يسْلُ بعضيَ عنِّي والهوى غير سالِ

الجمعة، 10 يوليو 2009

ألفرد تنيسون، عبور المرفأ



ذاك الغروب
و نجم المساء
قد أزفت ساعة الرحيل
لا همعت عين المرفأ
لرحيلي..
كأن الموج وهو يسافر في المدى نائم
عن الصخب والزبد
عن عودة الموج العائد من أعماق البحر
إلى الشاطئ..
ذاك الغسق وتلك أجراس المساء
وبعدها يحل الظلام
لا اكتأب لوداعي أحد
حين ركوبيَ البحر..
قد يحملنا المد بعيدا
عن زماننا، عن مكاننا
غير أنني
أتمنى أن أرى الملاح وجها لوجه
لدى عبوري المرفأ..
- ترجمة عبد الهادي السايح-
...
عن ألفرد تنيسون/ Alfred Tennyson
1809-1892 أحد أهم الشعراء الإنكليز، وشاعر البلاط الملكي في عهده،
يمتاز شعره برقة التصوير ورشاقة الموسيقى، وبالكآبة الطاغية عليه،
جل أعماله المتميزة، أو كثير منها على الأقل، كانت في رثاء صديقه هالام،
ولعله يذكرنا بالشاعر العربي مالك بن نويرة ورؤيته حين يقول
..وقال أتبكي كلّ قبرٍ رأيتَه .. لقبر ثوى بين اللوى فالدكادكِ
فقلت له إنّ الشجا يبعث الشجا .. فدعني فهذا كله قبر مالكِ
، من أهم أعماله الشعرية تكسّر تكسر تكسر، كتيبة النور، عبور المرفأ، دموع فاترة، أوليسيوس،
ذكرى ..الخ

النص الأصلي:

Crossing The Bar

Sunset and evening star,
And one clear call for me!
And may there be no moaning of the bar,
When I put out to sea,
But such a tide as moving seems asleep,
Too full for sound and foam,
When that which drew from out the boundless deep
Turns again home.
Twilight and evening bell,
And after that the dark!
And may there be no sadness of farewell,
When I embark;
For though from out our bourne of Time and Place
The flood may bear me far,
I hope to see my Pilot face to face
When I have crossed the bar.

الخميس، 9 يوليو 2009

زجل أندلسي: يا شبيه ضي الهلال


يا شَبيـهْ ضَـيّ اَلهِـلالْ    حينْ يَدورْ امْـعَ الفَلَـكْ
قُلْ لي يا لحـظَ الغَـزالْ   آدَمِــيْ أنــتْ اَو مَـلَــكْ
قُلْ لـي يـا بَـدْرَ المُنيـرْ   آهْ يـــا فـتـنـةْ لـلـبَـشَـرْ
يــا غَـزالـي يــا أمـيـرْ    يــا مُزَعـبَـلْ يــا قَـمَــرْ
لاشْ إذا نَلقـاكْ تَسيـرْ   يا مليـحْ تَحنـي الشَّفَـرْ
ذا حَيـا منـكْ اَو خَـجَـلْ وجَمال يوسُف عَطـاكْ
قلْ لي يا لحـظَ الغـزالْ    آدمـيْ أنــتْ اَو مــلاكْ
رِيتْ اخْدودَكْ يُشرِقـوا بالـلُـجـيـنِ والــذَّهَـــبْ
و الـعِــذارْ اَو رَونَـقُــو  بــالــزُّمُــرُّد يَـنـكَــتــبْ
والـعـيــون اِيـحَـمّـقـوا  مَـــن رآهُـــم يَنْـتـشِـبْ
والـحُـوَيْـجِـبْ لـلـقِـتـالْ  هُمَ اسْبابي في الهَلاكْ
قُل لي يا لحـظَ الغـزالْ  آدمـي أنــتْ اَو مَــلاكْ


* الوزن: مجزوء المديد  (فاعلاتن فاعلن)،

الأربعاء، 8 يوليو 2009

رياح الغرب بيرسي ب. شيلي



- ترجمة عبد الهادي السايح-

westwind
يا رياح الغرب العاتية
يا نفـَسَ الخريف، مـَن تفر من حضورها الشفاف
الأوراقُ الميتة ، كالأشباح من أمامِ ساحر..
صفراءَ، سوداءَ، شاحبة، حمراءَ متورمة
جموعٌ موبوءة .. يا من تقودينهم إلى مضجعهم الشتويِّ المظلم
بذورا مجنّحة، أين يرقدن في البرد و الثرى
كلٌّ كجثة في جدثها حتى
تنفخَ شقيقتك اللازوردية..بوقـــَها فوق الأرض الحالمة
لتبعث البراعمَ الناعمة كالقطعان إلى مرعى السماء
وتملأ الربى والسهولَ بالشذى والألوان الحية..
أيتها الروح الجامحة
التي تمضي إلى كل مكان..أيتها الحاطـِمة و النافعة
اسمعي .. اسمعي
* *
أنتِ يا من
تسري في جدولك الغيومُ الطليقة
وسـْط اضطراب السماء الشاهقة
سيرَ الأوراق البالية على الأرض
فتهتزَّ أغصانُ السماءِ والمحيطاتِ المتشابكةُ
وتنتشرَ ملائكةُ المطر والبرقِ
هناك
على حافة هبّتـِك الزرقاء،
كالشعر الوضاء المنتصب من رأس معنادية¹ متوحشة،
أو من حافة الأفق الباهتة إلى أعلى المدى..
خصلات العاصفة المقتربة
يا أغنيةً حزينةً تنعى السنة المحتضَرة..التي ستكون هذه الليلةُ الأخيرةُ
قبةَ ضريحها المسوّرةَ بكل قواك مجتمعةً : أبخرة
ينفجر من مزاجها القاسي المطرُ الأسود والنار والبرَد
اسمعي ..
* *
يا من أيقظتِ بحرَ الروم² الأزرق من أحلامه
حيث يرقد تهدهده الجداول البلورية الملتفّة
قرب جزيرة زجاجية هشة في خليج باي³
قد رأى في حلمه القصور القديمة
والأبراج ترتجف في صفحة الموج حين اضطرابهِ
تعلوها الطحالب
اللازوردية و الأزهار ، جمال يكاد الحس يعجز عن وصفه..
يا من تتشقق صفحة الأطلسي المستوية وتنقسم إلى صدوع
لعبورها ..
وفي الأعماق حيث براعم البحر والغابات اللزجة
المكتسية حلةً من الأوراق غيرِ الخضراء، تعرف صوتك
فترجف و تشحب فجأة من الرعب ناضية ألقها
اسمعي ..
* *
لو كنتُ ورقة ميتة تحملينها
أو غيمة رشيقة تجاريك..
لو كنتُ موجة تلهث تحت جبروتك، وتشاركك نبض قوتكِ
وإن كانت أقل حرية منك ، يا من لا تجارَينَ في الجموح
أو لو كنتُ، مثلما كنتُ في صباي
، أيامَ لم يـُخيَّل لي التفوقُ على تلك السرعة السماوية رؤيا أو أشبه،
أقدِرُ أن أكون رفيق تجَوالك في الآفاق..
ما كنتُ أبتهل إليكِ كابتهالي في صلاتي هذه ، في حاجتي الماسة وبلواي..
احمليني مثلما موجةٍ ، ورقةٍ أو غيمة
فإني أتعثر فوق أشواك الحياة .. إني أنزف،
قد أثقلت الأيام وحنت هامة امرئ كان يوما مثلك
شامخا، نشطا، شَموساً لا يهاب
* *
اجعليني ربابتك مثلما جعلتِ الغابة
ماذا لو كانت أوراقي تتساقط كأوراقها
ستستعير جلبة إيقاعاتك الصاخبة من كلينا
نغمةً خريفية عذبة حزينة
كوني يا روحاً جبارةً روحي
كوني إياي
يا طائشةً قلقة
و انشري خواطري الميتة في أرجاء العالم
مثل الأوراق الذابلة لتعجّلي بميلادٍ جديد..
وبسحر هذا الشعر ، بعثري كلماتي
،كالرماد وشرار النار من موقد مسجور،
بعثريها بين الناس،
كوني، انطلقي من شفتيَّ
مزمارَ نبوءةٍ إلى أرض تغط في النوم
أيتها الريح..
إن جاء الشتاء
أيبقى الربيعُ بعيدا خلفه؟

* *



النص المترجم:


* *
¹ maenad، في الخرافات الإغريقية القديمة، نساء يزعم أنهن حاشية إله الخمر، يرمزن للنشوة



والطقوس الجنونية الغريبة.



² بحر الروم، البحر الأبيض المتوسط.



³ موضع في إيطاليا فيه بعض الآثار الرومانية الغارقة.
عن ب. شيلي:
أحد أبرز الشعراء الإنكليز، ولد عام 1792.
التحق بجامعة أوكسفود عام 1810م غير أنه طرد منها في سنته الأولى فغادر إلى اسكتلندا ثمّ إلى سويسرا عام 1814م، مع ماري غودوين زوجته التي كتبت فيما بعد الرواية الخيالية الشهيرة "فرانكستاين"،
كان رفيقه في المنفى الاختياري صديقه الشاعر ذائع الصيت لورد بايرن الذي عرف بنشاطه السياسي أيضا،
بتأثير مباشر من بايرن كتب شالي أولى قصائده الجيدة "نشيد إلى الجمال المعنوي"، عاد الشاعر إلى إنكلترا بعد سنة من رحيله عنها ليستقر في لندن ويكتب بعض القصائد التي لم تلق صدى يذكر في الأوساط الأدبية وإن أُقـِر فيما بعد أن بعضها باكورة أعماله المتميزة،
غادر موطنه مرة أخرى إلى إيطاليا عام 1818م حيث عاش متنقلا وأسرته من مدينة إلى أخرى،
كانت الفترة الإيطالية الأغزر إنتاجا في حياته الشعرية القصيرة، والأكثر إزعاجا للنظام السياسي الإنكليزي، تعرّض فيها إلى محاولات اغتيال عدة
انتهت رحلته بغرق مركبه في ظروف غامضة سنة 1822.
من أهم قصائده: أوزيماندياس، رياح الغرب، إلى قُبَّرة، قناع الفوضى.

غيوم أبولينير 1880-1918،

-ترجمة النصوص الأدبية: عبد الهادي السايح-
clip_image001[1]
الصورة من موقع Toutelapoisie.com

شاعر كاتب وناقد فرنسي من أصل بولوني،
واحد من أهم شعراء مطلع القرن العشرين و من رواد الحداثة والمنظرين لها، إليه يعزى ابتداع لفظة "السريالية" التي مهد لها الطريق وأعلن عن ميلادها ، كذا النزعة التكعيبية في الفن « cubisme » مع صديقه بيكاسو.
اعتمد الكتابة الشعرية غير التقليدية أي رسم كلمات القصيدة أشكالا فنية مختلفة،
سمه الحقيقي ولهام أبوليناريس دي فاس كوتسروفيسكي، ولد بروما، لأب يُعتقد أنه إيطالي،
تلقى تعليمه الأولي في موناكو ثم هاجر إلى فرنسا عام 1899م،
تجول في هولندا والنمسا بين 901-1903 ليستقر به المقام مرة أخرى في باريس فيرتاد دوائرها الفنية و الأدبية
و يصاحب أبرز وجوهها مثل بيكاسو و دوران،
نشر عددا من المقالات النقدية، الأشعار والقصص في الصحف غير أن شهرته كناقد طغت على مواهبه الأخرى،
ظهرت أول مجموعة شعرية له "الساحر المتهالك" سنة 1908 ، تلتها مجموعته الشعرية الأبرز "كحوليات" عام 1913،
حيث جمع خلاصة فنه وزبدة نتاجه الشعري و مزج فيها بين الرمزية والصور الحداثية والأسلوب التقليدي
من أشهر أعماله الشعرية قصيدته "جسر ميرابو" ، "إنها تمطر"،
التحق أبولينير بالجيش الفرنسي مع بداية الحرب العالمية الأولى أملا في الحصول على الجنسية الفرنسية غير أنه أصيب في رأسه، ولم يلبث أن مات. طبع عدد من أعماله بعد موته.

* * *
إنها تمطر
تُمطر أصوات نساءٍ كأنهن متن حتى في الذكرى
وأنت أيضا تمطرين، يا شغف حياتي الرائع، أيتها القطرات
وهذه الغيوم الهائجة
قد شرعت تصهل عالما من مدن النبض
أنصت .. أتمطر بينما يعزف الأسف والازدراء، أو بينما يبكيان، موسيقى عتيقة
أنصت إلى الأواصر التي تشدك إلى السماء و إلى الأرض وهي تتهاوى.
clip_image003[1]clip_image005[1]
* * *
جسر ميرابو
تحت جسر ميرابو يجري نهر السين
وحبـُّنا
أعليه أن يذكرني
أن السرور يأتي دوما بعد المشقّة،
يأتي الليلُ، تدق الساعة
تمضي الأيام وأبقى
يداك في يدَيّ
فلنمكث وجها لوجه
بينما .. تحت جسر أذرعنا تمضي
نظراتنا الأزلية موجة ً تعبة
يأتي الليلُ، تدق الساعة
تمضي الأيام وأبقى
يمضي الحب مثل هذا الماء الجاري..
يمضي الحب
مثلما أن الحياة بطيئة
وأن الأمل عنيف
يأتي الليلُ، تدق الساعة
تمضي الأيام وأبقى
تمرّ الأيام وتمر الأسابيع
لا الوقت الماضي ولا الحب يرجعان
وتحت جسر ميرابو يجري نهر السين
يأتي الليلُ، تدق الساعة
تمضي الأيام وأبقى

Le Pont Mirabeau
Sous le pont Mirabeau coule la Seine
Et nos amours
Faut-il qu’il m’en souvienne
La joie venait toujours après la peine
Vienne la nuit sonne l’heure
Les jours s’en vont je demeure
Les mains dans les mains restons face à face
Tandis que sous
Le pont de nos bras passe
Des éternels regards l’onde si lasse
Vienne la nuit sonne l’heure
Les jours s’en vont je demeure
L’amour s’en va comme cette eau courante
L’amour s’en va
Comme la vie est lente
Et comme l’Espérance est violente
Vienne la nuit sonne l’heure
Les jours s’en vont je demeure
Passent les jours et passent les semaines
Ni temps passé
Ni les amours reviennent
Sous le pont Mirabeau coule la Seine
Vienne la nuit sonne l’heure
Les jours s’en vont je demeure
* * *
الشفق
جرفتها ظلال الموتى
على العشب حيث يتضاءل النهار
تعرّت
تلك المهرجة
وأخذت تنظر إلى صورة جسدها في البركة؛
شفق دجـّال
يفخر بحيله التي سيعرضها،
السماء بلا لون
مزخرفة
بأنجم شاحبة كالحليب
وعلى خشبة المسرح
يحيي ذلك المهرج المُمتقتَع مشاهديه؛
سحرة جاؤوا من بوهيميا، جنيات وبعض المشعوذين،
قطف نجما
عرضه بذراعه الممدودة
بينما .. كان رجل مشنوق
يقرع أطباقا نحاسية ،صاخبة الرنين، برجليه
يهدهد الأعمى طفلا جميلا
تمر الظبية و أطلاؤها
يشاهد القزم بـحـزن
ذلك الدجال الهرمسي وهو يكبر ويكبر
* * *
Crépuscule
À Mademoiselle Marie Laurencin.
Frôlée par les ombres des morts
Sur l'herbe où le jour s'exténue
L'arlequine s'est mise nue
Et dans l'étang mire son corps
Un charlatan crépusculaire
Vante les tours que l'on va faire
Le ciel sans teinte est constellé
D'astres pâles comme du lait
Sur les tréteaux l'arlequin blême
Salue d'abord les spectateurs
Des sorciers venus de Bohême
Quelques fées et les enchanteurs
Ayant décroché une étoile
Il la manie à bras tendu
Tandis que des pieds un pendu
Sonne en mesure les cymbales
L'aveugle berce un bel enfant
La biche passe avec ses faons
Le nain regarde d'un air triste
Grandir l'arlequin trismégiste