الجمعة، 10 يوليو 2009

ألفرد تنيسون، عبور المرفأ



ذاك الغروب
و نجم المساء
قد أزفت ساعة الرحيل
لا همعت عين المرفأ
لرحيلي..
كأن الموج وهو يسافر في المدى نائم
عن الصخب والزبد
عن عودة الموج العائد من أعماق البحر
إلى الشاطئ..
ذاك الغسق وتلك أجراس المساء
وبعدها يحل الظلام
لا اكتأب لوداعي أحد
حين ركوبيَ البحر..
قد يحملنا المد بعيدا
عن زماننا، عن مكاننا
غير أنني
أتمنى أن أرى الملاح وجها لوجه
لدى عبوري المرفأ..
- ترجمة عبد الهادي السايح-
...
عن ألفرد تنيسون/ Alfred Tennyson
1809-1892 أحد أهم الشعراء الإنكليز، وشاعر البلاط الملكي في عهده،
يمتاز شعره برقة التصوير ورشاقة الموسيقى، وبالكآبة الطاغية عليه،
جل أعماله المتميزة، أو كثير منها على الأقل، كانت في رثاء صديقه هالام،
ولعله يذكرنا بالشاعر العربي مالك بن نويرة ورؤيته حين يقول
..وقال أتبكي كلّ قبرٍ رأيتَه .. لقبر ثوى بين اللوى فالدكادكِ
فقلت له إنّ الشجا يبعث الشجا .. فدعني فهذا كله قبر مالكِ
، من أهم أعماله الشعرية تكسّر تكسر تكسر، كتيبة النور، عبور المرفأ، دموع فاترة، أوليسيوس،
ذكرى ..الخ

النص الأصلي:

Crossing The Bar

Sunset and evening star,
And one clear call for me!
And may there be no moaning of the bar,
When I put out to sea,
But such a tide as moving seems asleep,
Too full for sound and foam,
When that which drew from out the boundless deep
Turns again home.
Twilight and evening bell,
And after that the dark!
And may there be no sadness of farewell,
When I embark;
For though from out our bourne of Time and Place
The flood may bear me far,
I hope to see my Pilot face to face
When I have crossed the bar.

الخميس، 9 يوليو 2009

زجل أندلسي: يا شبيه ضي الهلال


يا شَبيـهْ ضَـيّ اَلهِـلالْ    حينْ يَدورْ امْـعَ الفَلَـكْ
قُلْ لي يا لحـظَ الغَـزالْ   آدَمِــيْ أنــتْ اَو مَـلَــكْ
قُلْ لـي يـا بَـدْرَ المُنيـرْ   آهْ يـــا فـتـنـةْ لـلـبَـشَـرْ
يــا غَـزالـي يــا أمـيـرْ    يــا مُزَعـبَـلْ يــا قَـمَــرْ
لاشْ إذا نَلقـاكْ تَسيـرْ   يا مليـحْ تَحنـي الشَّفَـرْ
ذا حَيـا منـكْ اَو خَـجَـلْ وجَمال يوسُف عَطـاكْ
قلْ لي يا لحـظَ الغـزالْ    آدمـيْ أنــتْ اَو مــلاكْ
رِيتْ اخْدودَكْ يُشرِقـوا بالـلُـجـيـنِ والــذَّهَـــبْ
و الـعِــذارْ اَو رَونَـقُــو  بــالــزُّمُــرُّد يَـنـكَــتــبْ
والـعـيــون اِيـحَـمّـقـوا  مَـــن رآهُـــم يَنْـتـشِـبْ
والـحُـوَيْـجِـبْ لـلـقِـتـالْ  هُمَ اسْبابي في الهَلاكْ
قُل لي يا لحـظَ الغـزالْ  آدمـي أنــتْ اَو مَــلاكْ


* الوزن: مجزوء المديد  (فاعلاتن فاعلن)،

الأربعاء، 8 يوليو 2009

رياح الغرب بيرسي ب. شيلي



- ترجمة عبد الهادي السايح-

westwind
يا رياح الغرب العاتية
يا نفـَسَ الخريف، مـَن تفر من حضورها الشفاف
الأوراقُ الميتة ، كالأشباح من أمامِ ساحر..
صفراءَ، سوداءَ، شاحبة، حمراءَ متورمة
جموعٌ موبوءة .. يا من تقودينهم إلى مضجعهم الشتويِّ المظلم
بذورا مجنّحة، أين يرقدن في البرد و الثرى
كلٌّ كجثة في جدثها حتى
تنفخَ شقيقتك اللازوردية..بوقـــَها فوق الأرض الحالمة
لتبعث البراعمَ الناعمة كالقطعان إلى مرعى السماء
وتملأ الربى والسهولَ بالشذى والألوان الحية..
أيتها الروح الجامحة
التي تمضي إلى كل مكان..أيتها الحاطـِمة و النافعة
اسمعي .. اسمعي
* *
أنتِ يا من
تسري في جدولك الغيومُ الطليقة
وسـْط اضطراب السماء الشاهقة
سيرَ الأوراق البالية على الأرض
فتهتزَّ أغصانُ السماءِ والمحيطاتِ المتشابكةُ
وتنتشرَ ملائكةُ المطر والبرقِ
هناك
على حافة هبّتـِك الزرقاء،
كالشعر الوضاء المنتصب من رأس معنادية¹ متوحشة،
أو من حافة الأفق الباهتة إلى أعلى المدى..
خصلات العاصفة المقتربة
يا أغنيةً حزينةً تنعى السنة المحتضَرة..التي ستكون هذه الليلةُ الأخيرةُ
قبةَ ضريحها المسوّرةَ بكل قواك مجتمعةً : أبخرة
ينفجر من مزاجها القاسي المطرُ الأسود والنار والبرَد
اسمعي ..
* *
يا من أيقظتِ بحرَ الروم² الأزرق من أحلامه
حيث يرقد تهدهده الجداول البلورية الملتفّة
قرب جزيرة زجاجية هشة في خليج باي³
قد رأى في حلمه القصور القديمة
والأبراج ترتجف في صفحة الموج حين اضطرابهِ
تعلوها الطحالب
اللازوردية و الأزهار ، جمال يكاد الحس يعجز عن وصفه..
يا من تتشقق صفحة الأطلسي المستوية وتنقسم إلى صدوع
لعبورها ..
وفي الأعماق حيث براعم البحر والغابات اللزجة
المكتسية حلةً من الأوراق غيرِ الخضراء، تعرف صوتك
فترجف و تشحب فجأة من الرعب ناضية ألقها
اسمعي ..
* *
لو كنتُ ورقة ميتة تحملينها
أو غيمة رشيقة تجاريك..
لو كنتُ موجة تلهث تحت جبروتك، وتشاركك نبض قوتكِ
وإن كانت أقل حرية منك ، يا من لا تجارَينَ في الجموح
أو لو كنتُ، مثلما كنتُ في صباي
، أيامَ لم يـُخيَّل لي التفوقُ على تلك السرعة السماوية رؤيا أو أشبه،
أقدِرُ أن أكون رفيق تجَوالك في الآفاق..
ما كنتُ أبتهل إليكِ كابتهالي في صلاتي هذه ، في حاجتي الماسة وبلواي..
احمليني مثلما موجةٍ ، ورقةٍ أو غيمة
فإني أتعثر فوق أشواك الحياة .. إني أنزف،
قد أثقلت الأيام وحنت هامة امرئ كان يوما مثلك
شامخا، نشطا، شَموساً لا يهاب
* *
اجعليني ربابتك مثلما جعلتِ الغابة
ماذا لو كانت أوراقي تتساقط كأوراقها
ستستعير جلبة إيقاعاتك الصاخبة من كلينا
نغمةً خريفية عذبة حزينة
كوني يا روحاً جبارةً روحي
كوني إياي
يا طائشةً قلقة
و انشري خواطري الميتة في أرجاء العالم
مثل الأوراق الذابلة لتعجّلي بميلادٍ جديد..
وبسحر هذا الشعر ، بعثري كلماتي
،كالرماد وشرار النار من موقد مسجور،
بعثريها بين الناس،
كوني، انطلقي من شفتيَّ
مزمارَ نبوءةٍ إلى أرض تغط في النوم
أيتها الريح..
إن جاء الشتاء
أيبقى الربيعُ بعيدا خلفه؟

* *



النص المترجم:


* *
¹ maenad، في الخرافات الإغريقية القديمة، نساء يزعم أنهن حاشية إله الخمر، يرمزن للنشوة



والطقوس الجنونية الغريبة.



² بحر الروم، البحر الأبيض المتوسط.



³ موضع في إيطاليا فيه بعض الآثار الرومانية الغارقة.
عن ب. شيلي:
أحد أبرز الشعراء الإنكليز، ولد عام 1792.
التحق بجامعة أوكسفود عام 1810م غير أنه طرد منها في سنته الأولى فغادر إلى اسكتلندا ثمّ إلى سويسرا عام 1814م، مع ماري غودوين زوجته التي كتبت فيما بعد الرواية الخيالية الشهيرة "فرانكستاين"،
كان رفيقه في المنفى الاختياري صديقه الشاعر ذائع الصيت لورد بايرن الذي عرف بنشاطه السياسي أيضا،
بتأثير مباشر من بايرن كتب شالي أولى قصائده الجيدة "نشيد إلى الجمال المعنوي"، عاد الشاعر إلى إنكلترا بعد سنة من رحيله عنها ليستقر في لندن ويكتب بعض القصائد التي لم تلق صدى يذكر في الأوساط الأدبية وإن أُقـِر فيما بعد أن بعضها باكورة أعماله المتميزة،
غادر موطنه مرة أخرى إلى إيطاليا عام 1818م حيث عاش متنقلا وأسرته من مدينة إلى أخرى،
كانت الفترة الإيطالية الأغزر إنتاجا في حياته الشعرية القصيرة، والأكثر إزعاجا للنظام السياسي الإنكليزي، تعرّض فيها إلى محاولات اغتيال عدة
انتهت رحلته بغرق مركبه في ظروف غامضة سنة 1822.
من أهم قصائده: أوزيماندياس، رياح الغرب، إلى قُبَّرة، قناع الفوضى.

غيوم أبولينير 1880-1918،

-ترجمة النصوص الأدبية: عبد الهادي السايح-
clip_image001[1]
الصورة من موقع Toutelapoisie.com

شاعر كاتب وناقد فرنسي من أصل بولوني،
واحد من أهم شعراء مطلع القرن العشرين و من رواد الحداثة والمنظرين لها، إليه يعزى ابتداع لفظة "السريالية" التي مهد لها الطريق وأعلن عن ميلادها ، كذا النزعة التكعيبية في الفن « cubisme » مع صديقه بيكاسو.
اعتمد الكتابة الشعرية غير التقليدية أي رسم كلمات القصيدة أشكالا فنية مختلفة،
سمه الحقيقي ولهام أبوليناريس دي فاس كوتسروفيسكي، ولد بروما، لأب يُعتقد أنه إيطالي،
تلقى تعليمه الأولي في موناكو ثم هاجر إلى فرنسا عام 1899م،
تجول في هولندا والنمسا بين 901-1903 ليستقر به المقام مرة أخرى في باريس فيرتاد دوائرها الفنية و الأدبية
و يصاحب أبرز وجوهها مثل بيكاسو و دوران،
نشر عددا من المقالات النقدية، الأشعار والقصص في الصحف غير أن شهرته كناقد طغت على مواهبه الأخرى،
ظهرت أول مجموعة شعرية له "الساحر المتهالك" سنة 1908 ، تلتها مجموعته الشعرية الأبرز "كحوليات" عام 1913،
حيث جمع خلاصة فنه وزبدة نتاجه الشعري و مزج فيها بين الرمزية والصور الحداثية والأسلوب التقليدي
من أشهر أعماله الشعرية قصيدته "جسر ميرابو" ، "إنها تمطر"،
التحق أبولينير بالجيش الفرنسي مع بداية الحرب العالمية الأولى أملا في الحصول على الجنسية الفرنسية غير أنه أصيب في رأسه، ولم يلبث أن مات. طبع عدد من أعماله بعد موته.

* * *
إنها تمطر
تُمطر أصوات نساءٍ كأنهن متن حتى في الذكرى
وأنت أيضا تمطرين، يا شغف حياتي الرائع، أيتها القطرات
وهذه الغيوم الهائجة
قد شرعت تصهل عالما من مدن النبض
أنصت .. أتمطر بينما يعزف الأسف والازدراء، أو بينما يبكيان، موسيقى عتيقة
أنصت إلى الأواصر التي تشدك إلى السماء و إلى الأرض وهي تتهاوى.
clip_image003[1]clip_image005[1]
* * *
جسر ميرابو
تحت جسر ميرابو يجري نهر السين
وحبـُّنا
أعليه أن يذكرني
أن السرور يأتي دوما بعد المشقّة،
يأتي الليلُ، تدق الساعة
تمضي الأيام وأبقى
يداك في يدَيّ
فلنمكث وجها لوجه
بينما .. تحت جسر أذرعنا تمضي
نظراتنا الأزلية موجة ً تعبة
يأتي الليلُ، تدق الساعة
تمضي الأيام وأبقى
يمضي الحب مثل هذا الماء الجاري..
يمضي الحب
مثلما أن الحياة بطيئة
وأن الأمل عنيف
يأتي الليلُ، تدق الساعة
تمضي الأيام وأبقى
تمرّ الأيام وتمر الأسابيع
لا الوقت الماضي ولا الحب يرجعان
وتحت جسر ميرابو يجري نهر السين
يأتي الليلُ، تدق الساعة
تمضي الأيام وأبقى

Le Pont Mirabeau
Sous le pont Mirabeau coule la Seine
Et nos amours
Faut-il qu’il m’en souvienne
La joie venait toujours après la peine
Vienne la nuit sonne l’heure
Les jours s’en vont je demeure
Les mains dans les mains restons face à face
Tandis que sous
Le pont de nos bras passe
Des éternels regards l’onde si lasse
Vienne la nuit sonne l’heure
Les jours s’en vont je demeure
L’amour s’en va comme cette eau courante
L’amour s’en va
Comme la vie est lente
Et comme l’Espérance est violente
Vienne la nuit sonne l’heure
Les jours s’en vont je demeure
Passent les jours et passent les semaines
Ni temps passé
Ni les amours reviennent
Sous le pont Mirabeau coule la Seine
Vienne la nuit sonne l’heure
Les jours s’en vont je demeure
* * *
الشفق
جرفتها ظلال الموتى
على العشب حيث يتضاءل النهار
تعرّت
تلك المهرجة
وأخذت تنظر إلى صورة جسدها في البركة؛
شفق دجـّال
يفخر بحيله التي سيعرضها،
السماء بلا لون
مزخرفة
بأنجم شاحبة كالحليب
وعلى خشبة المسرح
يحيي ذلك المهرج المُمتقتَع مشاهديه؛
سحرة جاؤوا من بوهيميا، جنيات وبعض المشعوذين،
قطف نجما
عرضه بذراعه الممدودة
بينما .. كان رجل مشنوق
يقرع أطباقا نحاسية ،صاخبة الرنين، برجليه
يهدهد الأعمى طفلا جميلا
تمر الظبية و أطلاؤها
يشاهد القزم بـحـزن
ذلك الدجال الهرمسي وهو يكبر ويكبر
* * *
Crépuscule
À Mademoiselle Marie Laurencin.
Frôlée par les ombres des morts
Sur l'herbe où le jour s'exténue
L'arlequine s'est mise nue
Et dans l'étang mire son corps
Un charlatan crépusculaire
Vante les tours que l'on va faire
Le ciel sans teinte est constellé
D'astres pâles comme du lait
Sur les tréteaux l'arlequin blême
Salue d'abord les spectateurs
Des sorciers venus de Bohême
Quelques fées et les enchanteurs
Ayant décroché une étoile
Il la manie à bras tendu
Tandis que des pieds un pendu
Sonne en mesure les cymbales
L'aveugle berce un bel enfant
La biche passe avec ses faons
Le nain regarde d'un air triste
Grandir l'arlequin trismégiste