الجمعة، 24 نوفمبر 2017

اﻷرض الخراب أو اليباب؟

تعقيب لي على مقال للدكتور عبد الواحد لؤلؤة نشر بصحيفة القدس العربي بتاريخ 18-11-2017 يقول فيه من بين أمور أخرى إن (اﻷرض الخراب) خطأ لغوي و اليباب هي التي لا تنبت الزرع..ملوحا بتفوق ترجمته للقصيدة على ترجمات سابقيه:

كثير من ترجمات الشعر توخى أصحابها الدقة في استخدام الكلمة إزاء الكلمة ثم أنتجوا لنا نصوصا مشوهة لا تكاد تستبين منها معنى و لا تستشف فيها جمالا و لا هي بالعربية التي نعرف. الدقة في ترجمة الكلمات جزء بسيط من تحدي ترجمة الشعر، فنجاح المترجم في تقمص المعاني الظاهرة والخفية على مستوى الأسلوب وجمال نص الترجمة هما اللذان يحددان قيمتها في نهاية المطاف.

ثم إنه من غير الممكن أن نقول إن هذه الكلمة في اللغة الفلانية تقابل كلمة ما في لغة أخرى في جميع أحوالها و كل دلالاتها الممتدة إلى الجذور الثقافية و المخيال الجمعي للناطقين بها. و لو أخذنا لفظة wasteland مثلا لوجدنا نطاق مدلولها يتجاوز معنى “الأرض اليباب” أي القفر الخالية ، فهي الأرض البلقع التي لا تنبت زرعا و لا فيها بنيان سوى الخرائب إن وجدت.. أو ربما طالها الدمار و انتشر فيها الخراب..

استخدام لفظة خراب ليس خطأ لغويا، جاء في لسان العرب (أَرْضٌ يَبابٌ أَي خرابٌ/ يقال خَرابٌ يَباب)..فاللفظان متلازمان متقاربان في المعنى،( اليباب) وصف للمكان الخالي الذي لا أَحد به و (الخراب) أحسن تعبيرا في هذا الصدد لأن فيها زيادة على معنى يباب حيث الخراب نقيض العمران أو -اﻷصح- انتقاضه ..إي إن المكان كان به عمران ثم طالته يد الدهر بالدمار أو بالتداعي.
الابتعاد عن الترجمة الحرفية أقرب إلى الدقة و إلى الأمانة في غمار اﻷدب فانتقاء اللفظ لا يكون سليما إلا بقدر خدمة اللفظ المنتقى للمعنى وللبعدين البلاغي و الجمالي في السياق العام.